وفقا لما أفادته وكالة أنباء أهل البيت (ع) الدولية ــ أبنا ــ اليمن، رغم أنه أصبح في السنوات الأخيرة، وخصوصًا بعد الهجوم الوحشي لرژيم الاحتلال الإسرائيلي على غزة، رمزًا كاملاً للغيرة والشجاعة، إلا أنه لا يزال غير معروف بشكل كامل.
أهل اليمن، ورثة حضارات «سبأ» و«حمير»، أظهروا شجاعتهم منذ معاركهم مع الرومان وحتى مقاومتهم للاستعمار البريطاني. ثورة 1962 ضد الملكية وصمود الجنوبيين في حرب 1994 ضد ضغوط صدام حسين، دليل على روح الحرية لديهم. وبالرغم من التحديات الداخلية مثل الفروقات القبلية، بقي اليمنيون متحدين بعزم جماعي، وتحت القصف السعودي-الأمريكي والحصار الاقتصادي، دافعوا عن الشعب المظلوم في غزة بواسطة الصواريخ والطائرات بدون طيار المصنوعة يدويًا. لقد جعلوا البحر الأحمر معقلًا للمقاومة، حتى على حساب معاناتهم. هذه التضحية دليل على التزامهم المستمر بالعدالة.
لليمن أسماء ورموز عظيمة؛ من «أويس القرني» إلى الشهيد حسين بدرالدين الحوثي، والآن السيد عبد الملك الحوثي، الذي قيادته لحركة أنصار الله منحت المجاهدين اليمنيين وسام شرف دعم المظلومين.
في حوار مع «سيد أحمد عبد الملك»، ناشط يمني لوكالة أبنا، تحدثنا عن شجاعة الشعب اليمني، خصائص السيد عبد الملك، دور المجاهدين اليمنيين في الدفاع عن المظلومين في غزة، ونظرة اليمنيين للأحداث التي تؤدي إلى الظهور.

الهوية اليمنية: الشجاعة والكرم والوفاء
اليمن عرف تاريخيًا بـ«مقبرة المعتدين»؛ لم يستطع أي غازٍ احتلاله بسهولة. طبيعة الشعب اليمني مقاتلة وشجاعة ولا تقبل الاستعمار. خصائص مثل الشجاعة والكرم والأخلاق والوفاء، التي تُدرس في الحوزات العلمية، متجذرة في المجتمع اليمني منذ سنوات. حتى في الأعراف العائلية، الاحترام عالٍ جدًا؛ على سبيل المثال، لا ينادي الابن والده بالمفرد، بل يقول «أنتم» تعبيرًا عن الاحترام. هذه التربية شائعة جدًا في الأسر بالمناطق الشمالية.
التاريخ الاجتماعي والديني لليمن
على مر التاريخ، واجهت المذهب الزيدي وغيرها من المذاهب في اليمن ضغوطًا واضطهادًا، وكان اليمنيون يشعرون بالظلم. عندما ظهر الشهيد السيد حسين وتحدث عن الظلم والفساد وحقوق الإنسان المؤمن، ترك أثرًا كبيرًا في المجتمع. كان يؤمن بأن المؤمن يجب أن يكون قويًا وعزيزًا لأنه مؤمن بالله، ولا يجب أن يشعر بالضعف أمام العدو.
الروح الوطنية والتضحية
طبيعة الشعب اليمني قائمة على الكرم والشجاعة؛ يمنح اليمني بالقول الحسن، وإذا انتُزعت حقوقه، يقاتل بكل قوته. المسار القرآني والقيادة الحالية جعلت اليمن مختلفًا عن باقي الشعوب. الشعب اليمني يعتبر القضية الفلسطينية قضية إسلامية، ولا يفرق بين الفلسطيني واليمني.
محور المقاومة وتعاون القوى
في الشعارات التي ظهرت منذ الثورة، تم تعريف العدو بوضوح: أمريكا وكيان الاحتلال الإسرائيلي. الدعم والتنسيق بين الحلفاء، بما في ذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية، كان له تأثير كبير، لكن كل طرف يعتمد على قدراته المستقلة. الهدف الأساسي هو إحباط العدو، وعندما يفشل العدو في تحقيق أهدافه، يعتبر ذلك انتصارًا.

النشأة العائلية والتربية
بالنسبة لشخصية السيد عبد الملك، كان والده يولي اهتمامًا خاصًا به أكثر من باقي أولاده. كان يصطحبه في جميع المهام الدعوية، وحتى عندما كان عمره 17 عامًا، كان يسمح له بإصدار الفتاوى. تشكلت شخصيته منذ الصغر في مسار حفظ القرآن والقيادة، وكان دائمًا جادًا ومخلصًا مع أصدقائه، بعيدًا عن اللهو واللهو الترفيهي.
المرجعية والزهد العلمي
والده السيد بدر الدين كان من كبار المراجع في المذهب الزيدي، لذا نشأ السيد عبد الملك في بيت يمثل مركز المرجعية الدينية. كما أن الشهيد السيد حسين كانت شخصية قرآنية بامتياز، وكان لذلك أثر عميق في تكوين شخصية السيد عبد الملك.
مسار القيادة وتأثير الشهيد حسين
قبل حركة الشهيد حسين بدر الدين الحوثي، كان الوضع نسبيًا هادئًا، ومع بدء نشاطاته بدأت بوادر التغيير. بعد استشهاد السيد حسين، تولى السيد عبد الملك القيادة في حوالي عمر 22-23 عامًا، ولم يفرض نفسه، بل اختاره الناس بعد معرفتهم وثقتهم بشخصيته.

التواصل مع الناس وكسر الحواجز
نجح السيد عبد الملك في إزالة الحواجز بينه وبين الشعب، حتى عندما كان البعض يخاف من لقائه، كان هو المبادر بالسلام والتحية، ويحتضنهم ويطلع على شؤونهم الشخصية. هذا التواضع والصراحة جعل علاقته مع الناس صادقة وثابتة.
القيادة والحكمة في اتخاذ القرارات
حتى قبل حرب غزة، كان يخطط وينسق ويعقد الاجتماعات، رغم تعرضه للتهديد. كما تجلى فطنة اليمنيين في عدم استخدام بعض قدراتهم في الماضي حتى يحين الوقت المناسب للتعامل مع القضية الفلسطينية.
حول قيادة اليمن والسيد عبد الملك الحوثي
تمكن السيد عبد الملك من كسر جميع الحواجز الطائفية والإقليمية؛ العدو فشل في هذا المجال. اليوم، أنصار الله هي الجبهة العربية الوحيدة التي تقاتل العدو بوضوح وفاعلية. رغم محاولات العدو لإثارة الانقسامات، إلا أن الأرضية لذلك غير متاحة.
القوة العسكرية والعمليات
خلال العدوان العسكري المعروف بـ«عاصفة الحزم»، تم الاحتفاظ ببعض القدرات العسكرية اليمنية لدعم فلسطين. في المعارك، كانت هناك محاولات لاستهداف حاملة الطائرات «آيزنهاور»، لم تنجح مبدئيًا، لكن بالمتابعة الدقيقة وتحليل القيادة تحققت نتائج مهمة.
تأثير الاستشهاد واستمرارية المسار
فقدان القائد مؤلم، لكن مسار المقاومة لا يتوقف، بل يظهر قادة جدد من الشعب. بعد استشهاد بعض القادة في الجبهات الأخرى، عاد مسار اتخاذ القرار إلى طبيعته وزاد إصرار الشعب.

«االرايه اليمنية» والوضع الداخلي
النقاش حول «الراية اليمنية» حساس، والعدو يحاول استغلال القضايا الدينية والإقليمية لزرع الفتنة، لذلك يتم تجنب النقاش العلني حتى لا تُثار الفتن. اليوم ينظر العالم إلى اليمن كمصدر للرايات الإيمانية.
التحديات الفكرية
أثرت أفكار بعض الأفراد سلبيًا في اليمن وأدت للانقسامات، لذلك يُسعى للحفاظ على وحدة الصف وتجنب التصرفات العاطفية غير المنطقية.
النجاح الإعلامي والوعي الجماعي
أصبحت وسائل الإعلام العسكرية وبيانات الجيش اليمني رمزًا للفخر الوطني، وأظهرت للعالم العربي والغربي قدرة اليمن على الإنجاز رغم الإمكانيات المحدودة.
حول الجنوب ووحدة اليمن
يُعلن من قلب صنعاء ومن التظاهرات أن الحركة الجنوبية تنتمي لجميع الشعب، مع مراعاة حقوق الجنوب في البرلمان، على الرغم من بعض الدعوات للانفصال، لكن أنصار الله دائمًا يمدون يد الصداقة.

علاقتنا بإيران
علاقتنا بالجمهورية الإسلامية الإيرانية علاقة أخوية قائمة على الإسلام، وليس على الطائفية. نحن كيان واحد يسعى كل عضو فيه لدعم المظلومين والمستضعفين، والثورة الإسلامية الإيرانية لم تصدر مذهبًا بل روح الثورة، لذلك هُزم أعداؤها في اليمن.
الجيل القادم في اليمن
تم كشف شبكة تجسس في وزارة التربية تعمل منذ 1987 لصالح الأجهزة الأمريكية، كانت مهمتها الترويج للتعليم بينما الهدف كان تدمير التعليم الوطني.
اليوم نحن بصدد إعادة بناء الإنسان اليمني؛ خلال الدورات الصيفية الثقافية، يتعلم أكثر من 600 ألف طالب القرآن والأحاديث والروايات، وهذا الجيل سيكون جيلًا كاملًا وقويًا، وكل ذلك من بركات الثورة الإسلامية الإيرانية التي غيّرت وجه العالم.
تعليقك